دروب العشق بقلم ندى محمود
المحتويات
أن يستيقظ فغامت عيناها بالعبرات وهي تهمس بصوت يكاد لا يسمع
احيانا كتير ببقى نفسي امسك في زمارة رقبتك من غيظي منك وببقى مش طيقاك بس تعرف لو جيت في مرة وقولتلي كلمة واحدة حلوة وأنا متعصبة كدا صدقني هنسي كل حاجة في لحظتها
توقفت عن الكلام لثواني ثم عادت تكمل وقد سقطت دموعها على وجنتيها
جففت دموعها وانحنت برأسها على صدره وأغمضت عيناها سامحة لها بسرق
لحظات من الزمن وهي بين ذراعيه ربما لن تتكرر مجددا !
انتفضت جالسة بفزع وفركت عيناها لتزيح آثار النوم عنها وسمعته يهتف في استياء بعد أن اعتدل في نومته
بتعملي إيه جمبي !
تلعثمت قليلا ولم تعرف بماذا تبرر له نومها بجواره طوال الليل ولكنها سرعان ما رسمت قسمات الاهتمام والقلق على محياها ومدت يدها تتحسس جبهته هاتفة
الحمدلله
حرارتك نزلت
رفع شفته العليا مستنكرا وهو يجيبها
مثلت الدور باحترافية حيث هتفت في براءة مزيفة ونظرة متأثرة
أيوة أصل إنت امبارح حرارتك كانت عالية بليل وفضلت تخترف بالكلام فقعدت جمبك وعملتلك كمادات والحمدلله نزلت وغلبني النوم ونمت جمبك
لا تفوت فرصة للكذب وتخترع كڈبة لكل شيء باحترافية ولكنه لا يخيل عليه كذبها الذي بات ېخنقه ويستفزه بشدة فدفعها من أمامه بعدم اكتراث لكي يعبر وينزل من الفراش هاتفا بقرف
تقوص وجهها بضيق وأسى وبقيت معلقة نظرها على آثاره بعد أن غادر تاركا لها الغرفة بأكملها شعرت بعيناها على وشك ذرف الدموع فشدت على محابسهم بسرعة وهبت واقفة وهي تأخذ نفسا عميقا مستمدة القليل من قوتها وشموخها ثم غادرت هي الأخرى واتجهت لغرفتها لتأخذ حماما دافىء
يقوم بتسريح شعره ويستعد للذهاب للعمل فيسمع طرق الباب ليتنهد بعدم حيلة فهي لن تستسلم ولم تكترث لكلامه ورغبته في عدم تحدثه معها مطلقا حتى ينتهي هذا الزواج !
هتف بغلظة
ادخلي
فتحت الباب ودخلت هامسة بعذوبة
صباح الخير
رد على مضض دون أن ينظر لها
صباح النور
تمتمت في ترقب ونظرات رقيقة
مش هتفطر
لا هفطر في الشغل
تقدمت خطوتين للأمام نحوه وخرج همسها ناعما
طيب ممكن اطلب منك طلب
الټفت لها بجسده وحدجها بقوة ثم قال بنفاذ صبر
قولي ياملاذ عايزة إيه !!
فركت يديها بتوتر وتمتمت في نظرات استعطاف تحاول من خلالها إذابة القليل من ثلوج قلبه بعدما بدأت تتأكد من أنه يحبها بشدة
ممكن تاخدني معاك
الشركة أصل أنا زهقانة وحابة اقرى في المكتبة اللي هناك
كانت ملامح وجهه جامدة ولم تتأثر بنظراتها بتاتا حيت اتاها صوته الصارم دون أن يوجد به أي شيء من اللين
لا بعدين إنتي عاوزة إيه بظبط من الحركات دي !!
مش عايزة حاجة !!
قالتها بارتباك بسيط من نظراته المريبة ليكمل هو بتوضيح أكثر
كل اللي بتعمليه ده ملوش لزمة مش لما تحاولي تقربي مني وتفتحي معايا أي كلام وخلاص هسامحك هتفهمي امتى إن احنا كل اللي بينا انتهى خلاص
قالت بإصرار فهي لن تتخلى عنه ولن تخلف بوعدها هذه المرة
مفيش حاجة انتهت يازين أنا لسا مراتك لما تطلقني سعتها ابقى اقولك إن فعلا كل حاجة انتهت
أبعدها من أمامها بهدوء وهم بالانصراف ولكنها اعترت طريقه وتمتمت برجاء ولين
طيب طالما مش موافق اروح معاك ينفع تنقيلي كام كتاب على ذوقك وتجبهملي معاك
لوى فمه بخنق ونفاذ صبر ثم خرج صوته قاسېا بكلمات يقصد قولها جيدا حتى ېحرق نفسها ويذيقها من الآم قلبه التي يعانيها
من عنيا هنقيلك كتب عن الوفاء والإخلاص والصدق يمكن تتعلمي منهم حاجة
أصابت كلماته بسهامها الهدف تماما كلما تتحدث معه وتحاول نيل السماح منه تكشتف أنه ليس كما توقعته أبدا بل لديه قلب أن حمل داخله الڠضب والنقم من شخص ما لن يتمكن من الصفاء له مهما فعل ويبدو أنه لن ينسى خداعها له وقد يكون أكثر ما يغضبه ليس أنها كانت تحب رجل غيره بل أنها وضعته محل الغبي والأحمق وكانت تكذب عليه وهي تنظر لعيناه دون خجل واستحقرته ولم تحترم الثقة التي منحها لها !!!
كانوا يجلسون حول مائدة الطعام على مقاعدهم ومنتظرين قدوم البقية وكانت هدى تضع كفيها أسفل ذقنها تفكر بذكاء شديد لما يدور في ذهنها وغير منتبهة لأي شيء حولها حتى سمعت صوت ابنتها تهتف بتساءل
ماما مالك !
رمقتها بجدية وأشارت لها بيديها أن تقترب منها ففعلت رفيف على الفور وجلست على المقعد المجاور لها تماما وقربت وجهها منها وهي تهز رأسها بتشويق لمعرفة الأمر لتتمتم هدى بمكر
إيه رأيك في شفق
رأي فيها ازاي يعني !
قالتها بعدم فهم في بادئ الأمر ثم دققت نظرها في معالم وجه أمها الخبيثة وابتسامتها التي كلها
ذكاء ففغرت شفتيها وقالت ضاححة بعدم تصديق
لا مش للدرجة وسعت منك أوي
دي يادودو !
نكزتها في كتفها بضجر من رفضها لفكرتها وهمست في صوت منخفض
بطلي هبل يابت دي حتى لايقة على أخوكي أوي كأنهم فولة واتقسمت نصين عارفة أروى الله يرحمها على قد كدا مكنتش حباها أوي كانت فيها شوية من اللؤم بتاع البنات ده ومكنتش لايقة على أخوكي انا مش بقول إنها كانت وحشة بالعكس أنا على قد ما كنت بضايق منها أحيانا بس كنت بحبها برضوا والله وربنا يعلم إني لغاية دلوقتي كل لما بفتكرها قلبي بيوجعني عليها لكن شفق قمر ومؤدبة وهادية ماشاء الله عليها يعني هي وكرم شبه بعض بظبط في كل حاجة
هدرت رفيف برزانة ونبرة جادة
ماشي ياماما وأنا كمان مش بقول حاجة على شفق بس بلاش تسرحي بخيالك أوي كرم رافض فكرة الجواز دي نهائي من بعد أروى وإنتي بنفسك جربتي معاه كتير وشوفتي بتبقى ردة فعله إزاي بمجرد ما تفتحي معاه الموضوع بس
غمغمت بنبرة صوت تحاول إخفاضها ونظرات ڼارية ومتقدة
بلا رافض بلا قرف وأخرة ما يقعد رافض كدا هتطلع من تربتها وترجعله مثلا اتفرجي واتعلمي وشوفي هخليه يوافق إزاي إما خليته يتجوز شفق مبقاش أنا هدى العمايري
كتمت رفيف ضحكتها المرتفعة بيدها ثم قالت في حماس لمعرفة مخططاتها
ياماما يالئيمة هتعملي إيه بقى قوليلي !
ملكيش دعوة هتشوفي وحدك هعمل إيه
همسمت رفيف بنظرات كلها ذكاء وحذر
بس خلي بالك
ولادك كلهم عندهم العند وبذات كرم يعني مش هتعرفي تخليه يوافق بسهولة لازم تحبكي الخطة كويس أقولك تعاليله من نقطة ضعفه واضغطي عليه هينخ وهيوافق
رمقت هدى ابنتها التي تحمل نفس جيناتها الخبيثة وتفكر مثلما تفكر تماما فابتسمت وقالت بخبث شديد
ماهو ده اللي هعمله
المشكلة بس لمتوافقش هي
لا من ناحية شفق اطمني 100 هتوافق وعلى ضمانتي خليكي إنتي مع كرم وسبيلي شفق في المرحلة التانية و
نغزتها هدى في قدمها هامسة بحذر عندما رأته ينزل الدرج قادما نحوهم
هششش خلاص اسكتي جه
ثم تطلعت لابنها وهتفت ببشاشة
صباح الخير ياحبيبي تعالى افطر يلا كنا مستنينك
اقترب ناحيتهم ثم التقط قطعة خيار صغيرة والقاها في فمه هاتفا على عجلة من أمره
لا كلوا إنتوا بالهنا والشفا أنا هفطر في الشركة مستعجل عشان معانا اجتماع وزين مستنيني من بدري هو وحسن
أجابته بحنو تدعو لهم بحنو أمومي
ماشي ياحبيبي ربنا يقويكم وقول لزين خليه يجيب مراته وياجي بكرا لأحسن وحشني أوي
انضمت لجلستهم
العائلية شفق التي غمغمت بخفوت واستحياء عندما وصلت عند آخر درجات السلم
صباح الخير
التفتت هدى برأسها ناحيتها وكانت أولهم التي ترد عليها تحية الصباح هاتفة بوجه مشرق
صباح النور
ثم رد كل من كرم ورفيف التحية وانصرف هو فورا دون تلكع بينما هي فتقدمت نحوهم واتخذت مقعدها بجوار هدى من الجهة المقابلة لرفيف وتمتمت بإحراج
معلش بقى ياطنط هتقل عليكم لكام يوم أنا والله كنت
قاطعتها هدى بنظرة حازمة قليلا تحمل الرفق واللين مع ذلك
هتزعليتي منك كدا ياشفق البيت هنا اعتبريه بيتك خلاص واحنا أهلك وإنتي زي رفيف بنسبالي
أجفلت نظرها أسفل وأجابتها شاكرة إياها بخجل شكرا أما رفيف فكانت تنقل النظر بينهم وهي تمنع نفسها من الضحك كلما تتذكر ما كانوا يخططون له منذ قليل !!
آذان العشاء ارتفع في المآذان وكان هو يجلس في مكتبته الخاصة في الشركة بعد أن قضى فرضه ويخلو بنفسه ويقرأ القرآن براحة وهدوء تام مع ضوء بني خاڤت استمرت جلسته الهادئة لساعات حتى جذبه من تركيزه في ترتيل القرآن رنين الهاتف الذي كان اتصال من زوجته فتأفف بخنق وأجاب على مضض
الو
سمع عدة كلمات منها غير مفهومة بسبب بكائها العڼيف فاعتدل جالسا فورا وقال بزعر
براحة ياملاذ أنا مش فاهم حاجة في إيه بټعيطي ليه كدا !!
غمغمت من بين بكائها بصوت أوضح
بابا تعبان أوي وأنا رايحة المستشفى دلوقتي
استقام واقفا وجذب مفاتيح سيارته وهتف على عجالة ونبرة قلقة
مستشفى إيه
أملت عليه اسم المستشفى فانهى معها
الاتصال واندفع مغادرا حتى يلحق بها على هناك وبعد ما يقارب النصف ساعة وصل وقاد خطواته نحو الطابق الثاني بعد أن استعلم عن اسمه في الاستقبال فأخبروه بأنه يكمن في الطابق الثاني وجدها بين ذراعين والدتها لا تتوقف عن البكاء وهي تشاركها البكاء الصامت وعندما رآه إسلام تقدم نحوه ليجده يهتف بارتعاد
الف سلامة على عمي حامد حصل إيه
قال إسلام بحزن ونظرات ضعيفة
بابا عنده القلب وتعب جامد فجبناه على هنا
رتب على كتفه مغمغما بحزن مماثل له
ربنا يشفيه يارب إن شاء الله هيقوم بالسلامة
ظلوا لدقائق طويلة بانتظار خروج الطبيب حتى يطمأنهم على وضعه وأخيرا بعد ما يقارب الساعة خرج وأخبرهم بأنه وضعه مازال حرجا وسيتم
وضعه تحت المراقبة إلى حين تحسن حالته وانهى كلامه بتمنيه
متابعة القراءة