دروب العشق بقلم ندى محمود

موقع أيام نيوز


تستاهله ولسا هتشوف مني ياحسن عشان أنا مبسبش حقي
ثم دفعته من أمامها واندفعت للخارج وتركت العنان لدموعها المريرة والمنكسرة نزلت الدموع حاړقة كالنيران فقلبها يتحرق من حبه وهو وغد لا يستحق عشقها له فقط يستحق الكره وهي تفشل في اعطائه الكره فكل ما تفعله به هو بدافع عشقها لها وتضعه تحت راية انتقامها انتقامها الكاذب !! 

متكورة في
إحدى زوايا المنزل بجانب الحائط ومجهشة بالبكاء العڼيف مع حرصها على عدم وصول صوت بكائها لأذن أمها المړيضة تركهم أخيه فجأة ووالدتها بين الحياة والمۏت حالتها الصحية تزداد سوءا مع مرور الوقت منذ فجيعة أخيها أن تركتها هي أيضا فحتما ستلحق بهم لم يتبقى لها سواها وبدونها ستصبح وحيدة بلا عائلة أو ملجأ ستصبح كالطائر الذي بلا عش وتأخذه الرياح وتلقي به حيثما تريد ! اليوم هو الخامس منذ ۏفاته وسئمت من التظاهر بالقوة الثبات وهي في أشد الحاجة للصړاخ والبكاء في امس الحاجة لإخراج الألم الذي يأكل ويفتت قلبها ولكنها تتحمل من أجل والدتها وتفرغ عن ما في فؤداها ببكائها المنخفض والمتخفي بعيدا عنها !! 
أخرجها من موجة بكائها صوت رنين الباب فوثبت واقفة وجففت دموعها عن وجنتيها ولكن لا يزال أثر البكاء في عيناها ارتدت حجابها ثم توجهت وفتحت الباب بتلهف بعد أن توقعت من الطارق فنظر هو لها وقال بقلق 
بقت كويسة 
أجفلت نظرها أرضا وهزت رأسها بالرفض في مرارة وأعين تستعد بالانفجار مجددا فهمس هو بإحراج وارتباك 
وليه العياط ده كله إن شاء الله هتبقى كويسة قوليلها بس إني جيت عشان ادخل اتكلم معاها
أماءت له وبسطت يدها تسمح له بالدخول فدخل هو على استحياء وجففت دموعها وتوجهت لوالدتها التي اشرقت من السعادة لعلمها بقدومه وخرجت لتخبره بأنه تنتظره فطلب منها أن تلحقه بالطعام والدواء خاصتها 
فتح الباب بعد أن طرقه بلطف ودخل فاستقبلته هي بابتسامة مشرقة وسعيدة ليقترب هو بعد أن بادلها الابتسامة العذبة وجذب مقعد وجلس قبالتها مغمغما برقة تليق بصوته الرجولي 
كدا برضوا تقلقينا عليكي يا
أمي
التقطت الورقة والقلم وبدأت تدون له ما تود قوله ! فقد فقدت قدرتها على التحدث نتيجة لصډمتها بخبر ۏفاة وحيدها فأخذ من يدها الورقة وقرأ ما كتبت عليها والذي كان كالآتي مجيتش ليه امبارح 
فأظهر الأسى والتأسف وتمتم باحترام 
أنا آسف حقك عليا كان معايا شغل كتير خالص والله ورجعت متأخر فمكنش ينفع اجيلكم
أماءت له مبتسمة كدليل على مسامحتها له ورتبت على كفه بحنو دخلت في هذه اللحظة شفق واتبسمت براحة حينما رأت سعادة والدتها وتأكدت أنها لم تخطىء عندما طلبت منه المساعدة أما الأم فقد عادت تكتب من جديد أنا حلمت بسيف امبارح 
قرأ
ما كتبته وحارب عيناه التي كادت إن تدمع ثم رفع نظره لها ورسم ابتسامة حانية على ثغره متشدقا 
وقالك إيه 
بدأت تكتب الحلم بالتفصيل في الورقة ودموعها تنهمر في صمت كنا بنتغدي وكنت إنت معانا وأنا كنت لابسة أسود أنا وشفق فهو اضايق وقلنا ليه لابسين اسود وطلب مننا نلبس الوان ولما بصلك ولقيك قاعد ساكت وزعلان
خالص حط ايده على كتفك وابتسم زي كأنه بيقولك متزعلش وبعدين قالك وهو شبه مضايق إنت مش فرحان ليا ولا إيه ! 
قرأ الورقة وتلاشت ابتسامته لتحل محلها التوجع والحزن ولم يتمكن من حجب دموعه ففرت من عيناه دمعة متمردة واسرع بمسحها فقد آلمه قلبه كثيرا بعد رسالته له الذي يخبره فيها بوضوح أن حزنه أو حزنهم جميعا على ۏفاته أصبح يألمه ويعذبه رفع نظره لها وأمسك بيدها يملس عليها بحنو وبابتسامة مريرة ثم أردف بخفوت 
طيب وأهو جالك بنفسه وقالك إنه مضايق ولما يلاقيكي مش بتاخدي علاجك ومش عايزة تاكلي وبتعيطي كدا هيضايق أكتر يلا كلي وخدي العلاج مينفعش تقعدي كدا
اقتربت شفق منها وجلست على الفراش وهي تمد لها الطعام بتوسل 
يلا يا ماما عشان خاطري كلي
أمام إصرارهم استسلمت أخيرا وبدأت في تناول الطعام من يده ابنتها التي كانت تختلس النظر إليه خفية وهو شارد بشجن في الورقة التي لا تعرف مضمونها حتى الآن سوى أنه حلم عن أخيها روته له أمها !! 
وبعد دقائق ليست بطويلة استأذن هو منها ليغادر ثم خرج وتبتعه هي لتودعه فتوقف عند الباب وسألها 
لسا متصلش بيكي 
فهمت أنه يقصد ذلك القذر الذي يبتزها فهزت رأسها بالنفي ليكمل هو بجدية ممزوجة باللين 
طيب معلش ياشفق استحملي اليومين دول عشان مصلحتك لو حابة تروحي كليتك أو أي مكان اتصلي بيا وأنا هوديكي واجيبك
انفرجت شفتيها بذهول وأجابته في حياء شديد وتوتر 
لا ملوش لزمة مش للدرجة كفاية أوي اللي بتعمله معانا أنا مش عارفة اشكرك إزاي والله
لا ليه لزمة وأوي كمان احنا مش ضامنين الحيوان ده يعمل إيه فاسمعي الكلام بالله عليكي ومتطلعيش وحدك لغاية ما أعرف مكانه أنا حاولت أعرف مكانه من خلال الرقم اللي ادتهوني بس طلع بيتكلم من رقم كشك في الشارع
تمتمت بخجل بسيط وإحراج 
بس أنا مش عايزة اتعبك معايا كفاية أنه لما يتصل هتصل بيك بلاش تدخل
نفسك في مشاكل بسببي
لم يبتسم ولكن نبرته ونظرته العفوية في لين سړقت الكلمات من فمها ووسمت وسامه على يسارها وطالعته ببلاهة 
وهو لو رفيف مكانك كنت هسبها مثلا إنتي متعرفيش ممكن يعمل إيه متستهونيش بالموضوع ولو عليا مفيش تعب ولا حاجة اطمني بس خلينا نحل المشكلة دي من غير ما ټتأذي
كان يخبرها بشكل غير مباشر أنه يرى اهتمامه بها كاهتمامه بشقيقته وأنها ليست سوى شقيقة له ولكن شرودها به عكس الآية وتوتر هو وشعر بالإحراج كعادته ثم اشاح بنظره عنها وغمغم على عجالة كأنه يتهرب من وضعهم 
طيب لو حصل أي حاجة لمامتك كلميني وياريت زي ما قولتلك على خروجك وكدا
لاحظت هي شرودها به فلعنت نفسها وخجلت ثم اماءت له بالموافقة لتنهي هي الأخرى هذا الحديث فاستدار وانصرف فورا ولكن بعد خروجه رغم الكآبة التي تعم عليها ابتسمت مستنكرة وبتعجب من خجله وتذكرت كيف أشاح بعيناه ووجهه عنها بتوتر بعد أن رآها شاردة به كيف لرجل أن يخجل هكذا !! فهي لم يسبق لها رؤية رجل مثله ويبدو أن هناك خفايا أعجب من الخجل في شخصية هذا الرجل ! 
مع حلول المساء وهدوء الأجواء والظلام عم كل مكان كانت الساعة تقارب على الحادية عشر وكانوا مجتمعين في الصالون العائلي يتبادلون الأحاديث باستثناء كرم الذي لم يعد للآن 
تحدث زين في وجه صارم وحاد موجها حديثه لأمه 
بصي بقى ياست الكل متحطنيش قدام الأمر الواقع قدام الناس بعد الخطوبة وشغل اقعد مع خطيبتك واتكلموا أنا معنديش الكلام ده
نظرت هدى لابنها وضړبت كف على كف متأففة وقالت في نفاذ صبر 
إنت مصمم تنقطني يازين !!!
تدخل حسن وهتف بنبرة تحمل السخرية وهو يكتم ضحكته 
بص يامعلم الصراحة إنت غلطان مكنش ينفع نروح تشوفها إنت كنت تخدتها
زي ماهي ويوم الفرح تصدم بيها
طالعته هدى بنصف عينه هامسة بخبث 
وېتصدم ليه دي البنت ماشاء الله قمر ده حتى هو عجبته !
غمز بعينه اليسار في لؤم وهتف ضاحكا باستنكار 
ايوة بقى امال عاملنا فيها قال الله وقال الرسول ليه !
رمقه شزرا وهتف بحزم 
ما تتلم يالا !
انحت رفيف على حسن وهمست في أذنه وهي تكتم ضحكتها 
بس ياحسن لياكلنا احنا مش ناقصين
وضع يده على فمه يخفي ابتسامته التي انطلت منه رغما عنه فتكمل هدى في رزانة وحنو محاولة اقناعه 
ياحبيبي لازم تقعد مع خطيبتك بعد الخطوبة وتتكلموا كدا عشان تتعرفوا على بعض
هتف
شبه منفعلا 
ماما متجننيش بلا اقعد واتكلم معاها ليه واتكلم معاها ليه ما اخدها في الشقة ونقفل على نفسنا احسن انا لما اقعد معاها وحدنا ده اسمه خلوة ودي حرام
خلاص خلي رفيف تقعد معاكم أظن كدا معندكش حجة !
صاحت رفيف مسرعة في توتر وخوف 
لا اقعد مع مين أنا إيه يقعدني وسط مخطوبين وبعدين أنا لو
قولت كلمة غلط وابنك معجبتهوش ممكن ياكلني
قال زين مبتسما ليتهرب من إصرار أمه 
ايوة عندها حق
نزعت هدى الشبشب والقت به على ابنتها صائحة باغتياظ 
اكتمي ياحيوانة يعني مش كفاية بحاول اقنع فيه !
اڼفجر حسن ضاحكا بقوة فنكزته رفيف في كتفه بضيق ويتابعهم زين وهو يبتسم ثم هتف حسن من بين ضحكاته 
يا أمي احمدي ربك أنه تكرم وهيحضر خطوبته اصلا
بادل أخيه في المزاح قاصدا إثارة غيظ أمه وتمتم يجاريه في الحديث 
قولها ! ما تروح تخطب إنت بدالي ياحسن !
دخل كرم من الباب وهتف مبتسما عندما رأى تجمعهم وضحكهم 
متجمعين عند النبي إن شاء الله
ردوا جميعهم ب
آمين ثم عاد زين ونظر لحسن كأنه يأخذ رأيه فيما طرحه عليه للتو فهب واقفا وقال وهو ينصرف بعيدا عنهم 
اخطب مين صلي على النبي ياعم أنا مش ناقص ۏجع دماغ
أجابه زين بنظرة مشټعلة ومغتاظة 
آهاا ما أنت عجباك الصياعة امشي متورنيش وشك بدل ما احدفك بالسکينة
تشدق ضاحكا بمشاكسة 
الشيخ زين بجلالة قدره يقول هحدفك بالسکينة لا مكنتش متوقعها منك دي ياشيخنا
نزعت هدى حذائها الآخر وصاحت به 
ولو ممشتش ياحسن هحدفك أنا بالشبشب
لا وعلى إيه امشي بكرامتي أحسن !!!
قالها ضاحكا ومداعبا بينما كرم انحني على رفيف وهو يسألها عن ما يجري فبدأت تقص له حوراهم منذ البداية فيبادلها الضحك بينما أكثر من يستشيط غيظا بينهم هي هدى !! 
أيام مرت بروتينية بعض الشيء على البعض وباختلاف بسيط على البعض الآخر ! 
زين كان في الاستعداد لخطبته التي ستقام اليوم في إحدى المقاهي الفخمة وستكون بين العائلتان فقط وذلك بعد موافقة العروس والجميع وعدم ابداء أي اعتراض على اقتراحه كان يستعد لهذه الخطبة وكأن يد تقبض على فؤاده وتعصره ومن الناحية الأخرى يد تربت على كتفه
بحنو محاولة دفع الطمأنينة لنفسه المضطربة والوجلة ! 
أما كرم فكان يتخبط في أحزانه كما أعتاد لا يقطع زيارة صديقه الحميم هو وزوجته كل يوم والتالي ويلازم على زيارة منزل صديقه ليطمئن على أمه يوميا حتى لا تبدي له ضيقها من عدم قدومه وقلت محادثته لتلك الشفق التي جعلت من قدومه يوميا حجة لتحادثه !! فتلوم نفسها بشدة بعد رحيله وتقسم بأنها ستتصرف بحزم وستجعل الحديث مقتصر على إلقاء التحية فقط ولكن في كل يوم تنكث وعدها لنفسها وتخترع حديث مختلف لتحادثه به ربما ما يدفعها لفعل تلك الأمور المنافية لطبيعتها الملتزمة معه هو أنها بدأت تنتبه لتفاصيله أكثر واصبحت
 

تم نسخ الرابط