صړخة على الطريق بقلم ديفنا عمر

موقع أيام نيوز


و تلك الدمعة من عيناه فأحاط جسار خصره وغمس رأسه بصدر الجد يبكي بكاء مكتوم.. رغم ما علمه مازال يحبه.. هو من رباه و راعاه وكساه..هو من أطعمه و دواه..أنفق عليه بغير حساب.. لا يذكر مرة واحدة قسي عليه..سيظل جده وحبيبه مهما جرفته المقادير بعيدا عنه ..
عناق جسار واختبائه بصدره أعاد ضخ الحياه فيه من جديد الصغير لم يكره..لم يهون عليه..مازال يحتل في قلبه ذات المكانة ابتعد عن صدره وقال جدي.. 

رد بلهفة حانية عيون جدك يا جسار.
لازم أبعد عشان استوعب اللي عرفته واعيد ترتيب حياتي من تاني بس عايزك تعرف حاجة واحدة برغم اللي حصل وحتي لو لقيت أهلي هتفضل جدي الغالي اللي رباني وكبرني وعلمني ازاي اعيش وغيابي من بيتك مش معناه إن مفيش مكان هيجمعنا تاني. 
هتسبني!
قالها العجوز بعتاب باكي وخوف واستنكار فغمغم له هسيبك عشان الاقي نفسي ياجدي هحاول ادور علي اهلي يمكن الاقيهم.. 
بس مفيش أي وسيلة توصلك ليهم بعد السنين دي. 
هحاول لو فشلت يبقي اسمي اني دورت عليهم.
ثم نهض بتثاقل والجد يتشبث بيده بكل ما أوتي من قوة ليربت جسار علي ظهر كفه ثم رفعه ولثمه وقال أوعدك مش هنساك ولا هبعد عنك.. محتاج بس مساحة ابعد واشوف هعيش ازاي ..
انهمرت عين جده بسبب من دموع كفكها له جسار بكف مرتجف ولثم جبينه ثم رحل عنه.
لعل حياة أخرى تنتظره.
حياة يعرف بها نفسه
حياة لا يشعر فيها بالضياع الذي كابده طيلة حياته
وصل لمكتبه وقت السحر يترنح دلف مغلقا الباب خلفه واستند على ظهره بوهن وسريعا ما انزلق جسده أرضا..الصمت حوله يناقض الصخب داخله..حياته الماضية قامت على أعمدة من سراب تهاوت تحت قدميه وأصبحت مجرد حطام.. يشعر أنه جسد جريح مدفون تحت أنقاض لا يجد غيثا من أحد..ېصرخ.. الصړخة تزلزل روحه..ولا يسمع له أحدا صوت سرادق عزاء نصبت في قلبه بعد أن علم بمۏت والدته..خاطر ما يستصرخه لېحطم كل ما حوله راح يقذف كل ما يطاله صورته علي الجدار أسمه المزيف المنحوت فوق مجسم فخم أفلامه باهظة الثمن كتبه المتراصة على الأرفف بعثر كل شيء لتشبه بعثرة روحه تماما ثم جثى يلهث متلحفا بثوب حداد أسود غطيس کسى روحه وعادت الأسئلة تتراقص في عقله..في أي أرض نبتت جذوره.. هل أبيه حيا يرزق له أشقاء وشقيقات له عائلة من هو من 
علامات استفهام تتصارع داخله گ سيوف تتقاتل لتجد إجابة واضحة..سيوف لن تغمد في حسامها قبل أن تنتصر إحداهم على الأخرى.
أنعكست أشعة الشمس من شق النافذة فبدأ يستعيد وعيه مشرعا عيناه ببطء ودار بها في محيطه لينتبه أنه في مكتبه وقد أيقن أنه ظل على جلسته حتى غفى دون أن يشعر.. ليحصد ألما في عنقه الملتوي بوضع خاطيء ومضات من أحداث ليلته الفائتة برقت في عقله فاستعاد بؤسه كاملا ومكث ساكنا لا يسمع غير أنفاسه.. التقط هاتفه من جيب بنطاله وضغط رقم سكرتيرته ثم قال باقتضاب المكتب أجازة كام يوم.. مفيش داعي تيجي لحد ما اطلبك..
أغلق دون أن يعطي لدهشتها فرصة الثرثرة لينتقل لرقم أخر مكتفيا برسالة نصية بذات المعني أشرف المكتب هيتقفل كام يوم وهقفل تليفوني واتواصل معاك بعدين.. محتاج أكون لوحدي شوية 
وأرسل أخري لسارة وأدم ثم أغلق هاتفه لينال تلك الخلوة التي يطوق إليها ليستوعب ويفكر
كيف ستمضي حياته بعد ما علمه.. 
فوجيء عند استيقاظه برسالته الغريبة لإغلاق المكتب مؤقتا وتوصيته بمتابعة القضايا بالنيابة عنه..والأكثر غرابة هاتفه المغلق.. ماذا حدث مع رفيقه يا تري..لم يتردد بالاتصال علي من سيحل طلاسم تلك الرسالة..
صباح الخير ياعمي عامل ايه
ألقي تحيته ليأتيه صوت الجد متلهفا بسؤال فاقم قلقه أضعافا جسار عامل ايه يا أشرف كويس هو معاك
غمغم الأخير بدهشة لأ مش معايا هو حصل حاجة ياعمي ده أنا قلت زمانه فرحان وهايص بوصول باباه ومامته ورائف بالسلامة ومش هيفتكرني لكن لقيته باعتلي رسالة غريبة انه هيقفل المكتب وبيكلفني بمتابعة القضايا بالنيابة
عنه.. فاتصلت بحضرتك عشان افهم في ايه..
نكس الجد رأسه بحزن تخلل ثنايا وجهه وغمغم جسار محتاجلك يا أشرف أوعي تسيبه.. 
طب فهمني ياعمي حصل ايه وبعدين أكون معاه ازاي وهو حتي تليفونه قفله ومش عارف اوصله..
ترددت في صدره المتعب تنهيدة حاړقة وهو يهتف 
مسيرك هتوصله يا ابني عشان كده بوصيك عليه.. قوله اني مستنيه يرجع مهما غيابه طال..
حديثه المبهم أجج حيرته أكثر فقال رغم اني مش فاهم حاجة لكن اوعدك ياعمي اني مش هسيبه بس هو يظهر واعرف مكانه.. 
أكيد هايجيلك هو مالوش صاحب غيرك ويمكن الأفضل يختلي بنفسه شوية لحد ما يهدي.. 
يختلي بنفسه طب فهمني ياعمي. 
خليه هو اللي يفهمك افضل وبوصيك تاني تطمني لما تكلمه.. 
حاضر أوعدك. 
أغلق معه دون أن يصل لسبب ما يحدث مازال هاتف جسار مغلق أين يبدأ البحث عنه أم الأفضل أعطائه فرصة للاختفاء قليلا فربما يحتاج تلك الخلوة.. زفر بقوة والخۏف يقتات على قلبه مرددا داخله دعاء أن يفك كرب صديقه ويعيده سالما. 
سمع رنين الباب فتجاهله محافظا علي سكونه البائس أرضا وبإلحاح الطرق اضطر لتفقد الطارق وصرفه بعد أن ظنها سكرتيرته التي أتت ولم تقرأ رسالته..
أشرع الباب دون الالتفات لهيئته المزرية ليجد عين أخر شخص توقع رؤيته تحملق فيه بريبة وتتجول بأذرار قميصه المحلولة وشعره المشعث ووجه الناعس وعيناه المنتفخة من أثر النوم..
لم تكن الزائرة سوى شمس ابنة عم سارة.
رواية صړخة على الطريق 
بقلم ډفنا عمر
الفصل الخامس
سمع رنين الباب فتجاهله محافظا علي سكونه البائس أرضا وبإلحاح الطرق اضطر لتفقد الطارق وصرفه بعد أن ظنها سكرتيرته التي أتت ولم تقرأ رسالته..
أشرع الباب دون الالتفات لهيئته المزرية ليجد عين أخر شخص توقع رؤيته تحملق فيه بريبة وتتجول بأذرار قميصه المحلولة وشعره المشعث ووجه الناعس وعيناه المنتفخة من أثر النوم.. 
نعم! 
قالها جسار بفظاظة لتجيبه شمس بدهشة أنا جاية لسارة حسب اتفاقي معاها انها هتكون في المكتب بدري و...
لمحة من ماضية الفاسق جالت بعقلها وهي تسترجع صولاته وجولاته بساحات النساء لتندفع دون مقدمات وهي تدفعه بعيدا عابرة داخل المكان تتفقده متحفزة لأي دليل يؤكد ظنها السوء به.. كأنها زوجته وظبطته بفعل مشين.
لم يغيب عن إدراكه أين توجه تفكيرها به بعد أن شاهدت حالته المريبة فعقد ذراعيه مستندا على الجدار دون اكتراث يتابعها وهي تتحرك بزوايا المكتب وبعد لحظات عادت حيث يقف جسار فسبقها بقوله البارد لقيتي حد جوه شوفي كده الحمام بالمرة يمكن مخبيها هناك.. 
اعتراها خجل شديد وتمتمت أسفة افتكرت ان... 
إن ايه وفرضا ظنك ده صحيح..انتي مالك بيا تنبشي ورايا بتاع ايه 
قابلت ثورته بحدة مبررة بيك انت ماليش أي علاقة لكن لما تبقي بنت عمي شغالة هنا يبقي مالي ونص لأن لو كنت لقيت حد هنا كنت هخليها تسيب مكتبك فورا.. فهمت
رمقها لبرهة بتمعن قبل ان يقول فهمت.
ثم أشار بذراعه نحو الباب آمرا إياها ببرود دلوقت اتفضلي لأن وجودك هنا دلوقت هو الفعل المشين لأن محدش جاي المكتب انهاردة ولو انا زي ما بتظني فيا أكيد دي فرصة مايفوتهاش عابث زيي. 
رمقته بحيرة وسارت مبتعدة بخطوتين ثم قالت وهي تقف في موازاته تماما يعني لو صاحبتي نشوى حبت تيجي عشان قضيتها اقولها أنك.! 
مش شغال. 
قاطعها بقوله فتسائلت يدفعها تعاطف غريب بعد أن استنبضته من بؤس لهيئته طيب وبكره
لوهلة لمحت سحابة ضياع اغتالت حدقتيه وهو يغمغم بخفوت ولا بكره..هيتابع قضيتها أشرف.. 
وأنت هتكون فين 
همهم ومازالت عيناه شاخصة أمامه كأنه فقد الإحساس بوجودها ياريت اعرف..
تعاظم شعورها بالشفقة عليه وهمست أنت عندك مشكلة حاد نحوها ونظر لها بشرود طال حتى ارتبكت وهي تهتف تتخطاه لتغادر على كل حال أسفة لإزعاجك. عن إذنك.
أغلق خلفها وتوجه مشرعا نافذته فوجدها تتوجه لسيارتها وكما توقع رفعت رأسها إزاء نافذته ليتوحد مسار أحداقهما وكلا منهما يحدج في الأخر دون أرادة.. هو بشرود ممزوج ببؤس واضح وهي بتعاطف لم تفهمه..فضولها مشتعل داخلها لمعرفة ما طرأ عليه لكن لا تملك سلطة حتى لتسأل..انتزعت نفسها من قيد نظرته واستقلت سيارته وابتعدت قاصدة من تظن أن بيدها حل غموضه..
بتقولي ايه يا شمس روحتي المكتب لقيتي جسار وقافل على نفسه
طب ليه
صاحت سارة بقلق لتجيب الأخري معرفش أنا روحت حسب
اتفاقنا أننا نفطر سوا ونتكلم عن قضية نشوي اتفاجأت بجسار بيفتح الباب وشكله غريب كأنه كان لسه صاحي من النوم بس لبسه متلخبط ووشه كئيب وكلامه غريب جدا ..المصېبة أني.. 
إنك ايه
قاطعتها بترقب فقالت الأولى بصراحة شكله المنعكش شككني ان يكون في بنت معاه في المكتب لقيتني بندفع زي العاصفة وبفتش المكتب كله وانا بتوعد لو لقيت أي قذارة كنت هبهدله وامنعك بأي طريقة تشتغلي معاه بس... 
صمتت بخزي لتواصل طلعت ظالماه واتكسفت اوي من نفسي..
هتفت پغضب ليه كده ياشمس أمتى هتصدقي انه شخص محترم ومش زي ما انتي فاكره أقسم بالله ما شوفت منه غير كل أدب وود بريء كأني فعلا أخته.. أكيد طبعا زعل واتعصب عليكي.. 
بالعكس.. 
قالتها بشخوص مستعيدة هيئته الهادئة الكئيبة وغمغمت كلمني بهدوء ونبهني اننا في المكتب لوحدنا وانه لو وحش يقدر يستغل
الفرصة ويأذني.. عشان كده ضميري تاعبني من ناحيته.. 
أنا لازم اروحله..
قالتها سارة وهي تندفع لتستعد فعاقتها شمس هتروحي فين بقولك لوحده وشكله مايطمنش. مستحيل تروحي دلوقت.. 
يعني اسيبه في الحالة دي اللي انتي حكتيها جسار عنده مشكلة وانا لازم اكون معاه.. 
بأي صفة
مايهمنيش التسمية حطي الصفة اللي تريحك المهم إني لازم اطمن عليه..
قالتها هادرة بعناد وهي تواصل استعدادها للمغادرة ليقاطعهم طرقا علي باب غرفتها تبعه دخول أبيها قائلا صباح الخير يابنات 
ردوا التحية وواصلت شمس ازيك ياعمو عامل ايه
بخير ياحبيبتي.. 
ثم نظر لابنته بغموض وقال انتي قولتيلي عنوان مكتب المحامي اللي بتشتغلي معاه فين
حملقا فيه بذهول وتلجمت سارة عن قول شيء وقلبها يخفق پجنون أن يمنعها والدها عن العمل معه. وقفت أمام العم ترتجف داخلها لكنها لا تظهر غير اللامبالاة كأنها لم تتسبب بعاصفة ليلا جعلت جسار يغادر البيت بينما جاورها زوجها وهو يرمقها بنظرات حانقة لائمة وبالوقت ذاته يراقب أبيه وهو عاقدا كفيه أسفل ذقنه متجهم الوجه بشرود بعد أن استدعاهما لمكتبه تنهد ثم نقل بصره بينهما بجمود وقال بعد اللي حصل ونواياكم اللي اتكشفت أنا كمان أحب اصارحكم باللي كنت ناوي اعمله..
تحفزت عين إلهام بنظرة ذات مغزي قابلها العجوز بتحدي وهو يغمغم مستهلا حديثه بقول مأثور 
من حكم في ماله ما ظلم..
عارفين معني الجملة دي ايه يعني كل واحد حر في ماله اللي كونه بشقاه وعرقه.. انا لو كتبت له كل مالي محدش فيكم يقدر يمنعني..ولا تقدروا تمحوا حبه ومكانته في
 

تم نسخ الرابط