صړخة على الطريق بقلم ديفنا عمر
المحتويات
تمشوا.
.....
ماما بابا.. زمايلي في الجامعة جسار وأشرف عايزين يسلموا عليكم قبل ما يمشوا..
بادرت والدتها أهلا بيكم يا ولاد شرفتونا أنهاردة.
تبادل معها جسار وأشرف التحية بتهذيب وحان دور والدها الذي رحب بهما ثم توقف عند أسم جسار وقال قصدك إن جدك يبقى دكتور نادر السماحي صاحب مستشفى.. اللي في المعادي
هز رأسه بتفهمأيوة عشان كده شبهت علي الأسم..عموما اتشرفت بيكم يا ولاد طب اتفضلوا.. هاتي يا سارة أطباق التورتة والجاتوه لزنايلك..
جسار لا لا معلش لازم أمشي عشان اطمن على جدي..
أشرف وتتعوض مرة تانية إن شاء الله.
ذهبوا فشردت سارة بأثره وقلبها يرفرف انه كان هنا لتنكزها شمس شوفي أصحابك وبطلي سرحان يا اختي خلاص السمج بتاعك مشي.
وانتهى الحفل بسلام وسارة سعيدة بزيارته معانقة بحب الدمية التي أحضرها جسار وأخيرا استسلمت للنوم مبتسمة.
لكن هل يبقا الوضع هادئا كما يبدو
أم ينتظر الجميع زوبعة سوف تتمخض عنها الأيام القادمة
رواية صړخة على
الطريق
بقلم ډفنا عمر
بعد مرور
ثلاث سنوات.
في قاعة المحكمة وقف جسار صادحا صوت دفاعه بقوة كل النقاط التي حددها لدعم موكله لتأتي النتيجة في صالح الأخير وهو ېصرخ بهتاف هز الأرجاء حوله من فرط انفعاله يحيا العدل يحيا العدل ينصر دينك يا سعادة القاضي.
ثم هرول محامية بقوة إلهي يعمر بيتك يا استاذ.. جبتلي حقي في وولادي وهيرجعوا .
حاول الرجل أن يلثم كفه بتقدير فنزع جسار يده سريعا استغفر الله العطيم.. ليه كده يا راجل ياطيب ده كله توفيق من ربنا..يلا روح استعد عشان تاخد ولادك وألف مبروك..
غادر قاعة المحكمة مرورا للخارج هابطا الدرج ثم استقل سيارته ونشوة انتصار خاصة تحتل كيانه.. أخيرا وجد لحياته قيمة بين أرجاء تلك القاعة وهو ينصر المظلوم بتوفيق الله ويعيد الحقوق المهدورة.. رغم انه مازال حديث العهد في ممارسة المحاماة إلا أن صيته بدأ يبلغ الأفاق وانهالت عليه قضايا كثيرة ومعقدة نجح بأغلبها إلي الآن ومازال طريقه حافل بالمزيد من النجاحات.
قالت وهي تهرول خلفه داخل مكتبه أيوة جسار بيه..في زباين جديدة حددت ليهم مواعيد مناسبة.. وكمان صاحب قضية ... عايز يقابل حضرتك ضروري بيقول في أمور جدت هتقوي موقفه في القضية.. وفي كمان زبونة عايزة تقابل حضرتك انهاردة وبتقول قضيتها صعبة.
طيب واستاذة سارة موجودة في مكتبها
لا حضرتك راحت تخلص أوراق مهمة وأستاذ أدم لسه ماشي من شوية لكن استاذ أشرف في مكتبه ومعاه زبون..
تمام اطلبيلي فنجان قهوة مع مسكن الصداع هيفرتك دماغي..
ألف سلامة علي حضرتك..حالا هجيبهم..
وواصلت بفخر وألف مبروك لحضرتك..مش غريب عليك مكسب جديد ينضاف للقصايا اللي ربحتها
ابتسم بتواضع الحمد لله يا ميس.. يلا الحقيني بالقهوة والمسكن
حالا يافندم.
ابتلع قرص المسكن واحتسي قهوته ثم ارتد للوراء مسترخيا علي ظهر مقعده يحاول نيل بعض الهدوء. سمع طرقا علي الباب تبعه دخول ميس
الست اللي طلبت تقابل حضرتك انهاردة وصلت ومعاها واحدة تانية..
استعاد نشاطه معتدلا بجلسته تمام خليهم يتفضلوا.
عبرت سيدة تلقى التحية تصحبها فتاة ما أن أبصرها جسار حتى أهتزت أهدابه پصدمة للحظات قبل أن يتمالك رباطة جأشه من جديد مخفيا ما اعتراه ببراعة مجيبا التحية وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ليحين دور شمس لتصدم برؤيته..
حملقت به لتتأكد أن هو ذاته ذاك العابث ودون أن تشعر مشطت سريعا هيئته التي طغي عليها الوقار وعوينات شفافة تضيف عليه هيبة وجاذبية خاصة.. وهو يهتف متجاهلا نظراتها تحت أمركم ازاي اقدر اخدمكم
قالت صديقتها المعنية بسبب الزيارة أنا جيت لحضرتك بعد ما نصحوني ولاد حلال ان انت بعد ربنا اللي هتقدر ترجعلي حقي اللي اخده مني جوزي وأهله..
غمغم بنبرة تكسوها الثقة بإذن الله قوليلي بس التفاصيل المهمة.
راحت السيدة تسرد ما لديها باستفاضة فانخرط ذهنه بما تقصه متعاطف قلبا وقالبا مع قضيتها ليهتف بعدها واضح ان جوزك وأهله لعبوها صح..لكن اطمني إن شاء الله هيتربوا علي ايدي..أعتبري ان حقك رجعلك من دلوقت..
كلماته الواثقة بثت فيها الأمل فصاحت بامتنان ربنا يكرمك يا استاذ جسار ماتتصورش كلامك لوحده ريحني ازاي.. وبالنسبة للأتعاب أنا ..
أوقفها بإشارة حاسمة بعدين نتكلم في الأتعاب لما نكسب القضية بأمر الله..ثم ناولها ورقة صغيرة وقال وده الكارت بتاعي فيه كل أرقامي عشان لو حبيتي تتواصلي معايا وتضيفي أي جديد يحصل معاكي بس اهم حاجة انك الصبح تعمليلى توكيل عشان ابدأ الإجراءات.
ظلت تتابع حوارهما وهي تختلس إليه النظرات وحدقتاها تقيمه بنظرة أخرى..كأنه شخص أخر تماما.. لولا أنه ذات الأسم اللذي تعرفه لظنت انه شخص أخر يشبهه.. بينما تعمد جسار التغاضي عنها كأنه لم يعرفها رغم أنه مدركا لترقبها المختلس له لاحظ بنظرته الأولى حين رآها أن مظهرها على حاله مازالت ملامحها جادة ونظرتها قوية ربما بدت أنحف قليلا جمالها متواضع كما عهدها قبلا.
خلاص اتفقنا هتواصل مع حضرتك عشان اتابع سير القضية وربنا يكتب الڤرج علي ايديك يا استاذ جسار.
منحها ابتسامة مطمئنة بإذن الله يا مدام..ثقي في ربنا قبل اي حد.
ونعم بالله.
هنا فقط شيعها بنظرة قوية وهي تغادر مع رفيقتها..نظرة ثاقبة تخبرها انه يذكرها..تظاهرت أنها لم تعيره اهتماما وهي توصد الباب خلفها لكن هيهات أن تهدأ هذه الدقات المتواثبة في قلبها..ماذا حدث!
حتي لو كان هو.. مالها وماله صار أوسم وأكثر جاذبية أضحت له هيبة وهو يتحدث بثقة ومهنية
لمعة عينه وهو يتفاعل مع مظلمة صديقتها
كأنه يتوعد بالويل لمن سلب حقها..ليكسيه خيالها عباءة بطولية تتعجب أنها أثارتها هزت رأسها بقوة ناعتة ذاتها بالعته منذ متى تكترث لأحد وله هو بالذات ألم تناطحه يوما وهي تهدده أن يبتعد عن
ابنة عمها ألم تراه حينها مجرد شاب
ماجن
هل ستعيد تقيمه الآن
لما ما الداعي
لن تكترث.. هو لقاء عابر ومضى
لن يتكرر ثانيا.
لن يتكرر.
قاطعت رفيقتها سيل أفكارها وهي تقول
ما قولتليش يا شمس ايه رأيك في كلام المحامي
شكله واثق من نفسه اوي.. بصراحة كلامه طمني ومتفائلة..
انتبهت لحديث صديقتها وقالت ها أه ..فعلا عندك حق واثق من نفسه عموما احنا جينا بعد ما ناس كتير رشحوه ليكي..ثم ربتت على كتفها بإذن الله حقك هيرجع يا نشوى
يارب ياشمس.
ثم استأنفت شاكرة وألف شكر انك جيتي معايا ياقلبي وعطلتي نفسك..
عيب ده احنا أصحاب أنا معاكي في اي حاجة.. ربنا ينصرك حبيبتي.
مش دي شمس بنت عم سارة اللي خرجت دلوقت
غمغم جسار دون اهتمام أيوة هي يا أشرف.
جاية ليه أوعي تقول جت تتخانق عشان سارة شغالة معاك!
قال بتهكم هو احنا لسه طلبة يا أشرف سارة بتشتغل هنا معايا گ محامية زيك انت وأدم بالظبط مش جاية تلعب..عموما هي جت مع صديقتها عشان قضية تخصها مش أكتر وشكلها اتفاجأت بوجودي.
فهمت أصل بصراحة لما شوفتها استغربت.
طب سيبك منها وقولي ايه اخبار قضية شركة الصرافة أخدت فيها حكم
لسه الجلسة أتأجلت للاسبوع الجاي لأن في شهود جديدة..بس اطمن هتكون مكسب جديد لمكتبنا يا جسار بيه.
ابتسم الأخير عفارم عفارم على رأي جدي.
هو جدك له عرق تركي
لا عشان كلمة عفارم يعني عادي دي مصطلحات جيله..واستطرد أنا همشي لأني مجهد جدا تحب اوصلك
لأ بالسلامة انت أنا قاعد شوية.
تمام أشوفك بكره.
طب ماتعدي عليا بالليل نسهر شوية زي زمان.
هشوف واقولك سلام.
في رعاية الله يا متر.
كانت قابعة بغرفتها منهمكة بمطالعة بعض الأوراق ولم تشعر بمن تسربت لغرفتها دون ان تنتبه لها..
يا سيدي علي الناس المركزة في شغلها ومش دارية باللي حواليها.
تفاجأت بها سارة ثم ابتسمت مرحبة حبيبتي يا مشمش وحشتيني ثم مازحتها وكالعادة بتدخلي بخفة زي اللصوص بالظبط محدش يحس بيها.
أجابت ساخرة لا والله هو انتي شغلك مع المجرمين وفي المحاكم هيخليكي تتكلمي زي شارلوك هولمز
قهقهت سارة مجرمين فين ياحسرة..أنا لسه يدوب بتولي قضايا صغيرة علي قدي.
بكره تبقي أحسن محامية في الدنيا يا سيرو
رفعت كفيها بالدعاء مع مسحة مرح يسمع منك ربنا يا مشمش المهم طمنيني عاملة ايه في شغلك
تمام الحمد لله.. بس حصل معايا حاجة غريبة امبارح مش هتصدقيها من غرابتها.
ايه هي
روحت مع نشوي صاحبتي عند محامي زمايلنا نصحوها بيه.. ما انتي عارفة مشكلتها مع أهل جوزها..
أيوة فعلا كلمتيني عنها المرة اللي فاتت المهم ايه الغريب اللي حصل
المحامي طلع هو نفسه الشاب بتاع البنات جسار اللي كنتي بت... .
توقفت عن المواصلة والأخيرة تتوتر لكنها تتظاهر بالهدوء وتعود لجلستها السابقة متظاهرة بعدم الاكتراث مع قولهع جسار مين مش واخدة بالي.
رمقته بريبة سارة! بلاش نصاحة عليا ده انا شمس.. يعني عارفاكي كويس لما بتتوتري بيكون شكلك ازاي.
ثم ضاقت عيناها وهي تتسائل سارة هو انتي لسه بتكلميه
ظلت تحدجها ببرود دون جواب فدنت منها هاتفة بهدوء حبيبتي انا عايزة اطمن عليكي والله مش أكتر..بلاش تخبي عني احنا طول عمرنا سرنا مع بعض يا سارة..
لانت ملامح الأخري بعض الشيء وهتفت تحذرها أكلمك بصراحة وما تتعصبيش وتفضلي تديني مواعظ وتوجعي دماغي زي عوايدك
أوعدك مش هعمل كده..
تركت سارة مقعدها ونهضت قرب النافذة وغمغمت بصوت عميق من يوم ما خلصنا جامعة وانا من وقت للتاني بكلمه اطمن عليه..عرفت ان جده كان مجهز له مكتب كبير يمارس في المحاماه..وفعلا ربنا وفقه واول قضية كسبها كلمني هو طاير من الفرحة.. قالي
انه خلاص لقى هدف ومعنى لحياته ومبقاش حاسس بفراغ زي الأول.. وفضل كل اما يكسب قضية يكلمني..ومن كام شهر كده عرض عليا اشتغل معاه في المكتب أنا وأدم وافقت وسبت المكتب اللي كنت فيه وفضلت اروح مع جسار لأن بجد بقي مجتهد جدا وله صيت مش بسيط دلوقت بدليل انكم روحتوا له من صيته.
شمس متعجبة غريبة أنا ماكنتش اعرف انك سبتي المكتب بتاع استاذ هاشم.
التفتت لها تقول منا لو قولتلك يا شمس هروح اشتغل مع جسار كنتي هتعمليها حكاية وتوجعي دماغي فسكت عشان مش نتخانق سوا.
طالت شمس تحاصرها بنظرتها متفرسة قبل قولها أنتي لسه بتحبي جسار يا سارة
استدارت ثانيا تتطلع للأفق بعين شاخصة مش زي ما انتي فاهمة يا شمس.
امال ازاي فهميني
تنهدت ومازالت شاردة في الأفق
لو حب واحدة لواحد كنت قدرت احدد ده بسهولة من زمان.. لكن دي حاجة مش عارفة اسميها لحد دلوقت يا شمس.. حتى هو كمان بحس جواه نفس الحيرة اللي عندي..بس كأننا ضمنيا بطلنا نسأل سبب مشاعرنا دي ايه..ثم التفتت إليها بعين تبرق صدقيني
متابعة القراءة