احتيال و غرام بقلم رحمة سيد

موقع أيام نيوز


مشاكسته بشقاوتها ليزجرها هو بحدة غطت على ضحكة صغيرة كادت تعصيه وتظهر
ليال بطلي استعباط مش عشان ضحكنا مع بعض مره ولا مرتين خلاص هتسوقي فيها مفيش حاجة اتغيرت الا اني بحاول بس اني اعاملك عادي جدا زي اي حد عشان ربنا ما يحاسبنيش! 
إبتلعت ليال ريقها بتوتر وهي تطرق رأسها ارضا بحنق طفولي واضح وراحت تزم كالأطفال حينما تحزن دون شعور منها....

... 
ليتنحنح مغمغما وهو يراقب حركتها الطفولية
إنتي كمان اللي زعلانة دلوقتي! 
فزمت ليال أكثر ولم تجيب ليتابع هو بسخط مصطنع
بطلي الحركة دي أنا مش بتكلم مع بنت اختي
رفعت عيناها له والغيظ يقطر من نظراتها ثم قالت 
بتضايقك الحركة دي طب اهوه اهوه اهوه
مرة اخرى... مرة اخرى بتلقائيتها تيقظ ذلك الۏحش المتطلب المنساق خلف خدر غريب من العاطفة داخله بعدما أخمده يونس بشق الأنفس... 
قولتلك مبحبش الحركة دي وعلى فكره أنا لو عايز أخليكي تبطليها هخليكي تبطليها 
ثم ترك اذنها وكاد يبتعد ولكن بمجرد أن ابتعد وجدها ترفع نفسها لتصل لمستواه ثم وفي لحظة خاطفة وبتهور وبراءة .... فتجمد هو مكانه للحظات وقد فعلت به الأفاعيل تلك السريعة الخاطفة.. ودون شعور منه وقبل أن تبتعد هي تماما لا تدري ما الذي جعلها تنساق خلف مشاعرها... كان هو........
في اليوم التالي.....
كانت أيسل تشرب قهوتها في في احد اركان حديقة القصر الخلفية شاردة في اللاشيء كلما تذكرت ما حدث امس 
ولكن فجأه وجدت من يكتم فاهها من الخلف فسقط كوب القهوة من يدها بفزع وهي تحاول التحرر منه ولكن قبل أن تعي أي شيء كان يضرب رأسها برأسه پعنف ففقدت وعيها دون مقدمات بين يداه و.................
الفصل السادس عشر 
كانت أيسل مستكينة مكانها أمام جثمان والدتها.. تحدق بها بعينان خاويتان.. وجهها شاحب وكأن الروح غادرت جسد والدتها والأنفاس سړقت منها هي لا تستوعب... لا تستوعب ابدا... كيف هكذا فجأة ماټت.. دون أن تعتذر منها.. دون أن تعوضها عما مضى.. دون أن تخبرها بمبررات تسكت أنين روحها المذبوحة مرارا وتكرارا ..!! 
ابتلعت ريقها وهي تمد يدها المرتعشة جثمان والدتها وتهزها ببطء وهي تهمس بحروف وجدت المخرج من بين تصنم بصعوبة
لأ انتي أكيد ماموتيش
ثم أصبحت تهزها بقوة أكبر متابعة تمتمتها التي قاربت على الغدو هيستيرية
قومي انتي ماموتيش انا متأكدة قومي يلا !! 
فحاوط بدر كتفاها مسرعا وهو يربت عليها برفق ثم أغمض عيناه محاولا ايجاد الكلمات المناسبة في ظل صډمته وجموده هو الآخر... 
لتكمل أيسل بصوت اكثر هيستيرية وإڼفجار ما بعد هدوء العاصفة
لأ مينفعش ټموتي دلوقتي.. انتوا اكيد بتمثلوا صح 
ثم نظرت لبدر وسألته بهذيان ترجوه التأكيد على ما يهذي به عقلها لتسكين ذلك الألم الذي إنفجر داخلها كوباء ضاري
هي عايشة يا بدر هما بيضحكوا عليا وبيخططوا لحاجة صح انا كنت حاسه اصلا
حينها أمسك بدر وجهها بين يداه يهزها برفق وهو يردف بصوت حاني حازم
أيسل أيسل حبيبتي فوقي ده قدرها.. 
ثم ضيق عيناه مفكرا وقد عاد عقله للتفكير الذي توقف لدقائق
أيسل ركزي معايا مريم إتصلت بالبوليس 
رمقته أيسل بنبرة عابرة ثم عادت تحملق بالچثمان امامها بتوهان وكأنما عقلها شل تماما فلم يعد بمقدورها إعطاء اي استجابة لأي اشارات تخترق حدود العقل..! 
فعاد بدر سؤاله بصوت أكثر حزما يحاول سړقة الاجابة التي تأخرت في خروجها للنور
أيسل ركزي وجاوبيني عشان في کاړثة احتمال تحصلنا 
حينها عطفت عليه أيسل فنظرت له وحاولت إجبار صوتها على الخروج فردت بصوت مبحوح وهي تهز رأسها
ايوه ايوه اتصلت بلغت عن شقة ! 
فانتفض بدر من مكانه وهو يسحب يدها معه مغمغما بجزع
طب قومي بسرعة احنا لازم نمشي حالا
فهزت أيسل رأسها نافية بسرعة وكأنها مصډومة من تفكيره بالرحيل وهي تشير لجسد والدتها المسجي ارضا
لأ لأ استنى وهي هنسيبها هنا!! 
فحاول بدر مراعاة حالتها ليجيب محاولا استجماع تركيزه
البوليس زمانه على وصول يا أيسل ولو حلفنا لهم على المايه تجمد إننا مش احنا اللي قتلناها محدش هيصدقنا ومتقلقيش البوليس هيجي وهياخدوها واكيد هيبلغوا طه إنهم لاقوها صدقيني كل حاجة هتتحل إلا احنا حياتنا هتتدمر ظلم لو مامشيناش دلوقتي حالا كل
ثانية بتفرق يا أيسل
لم تجيبه بل ظلت تنظر لجسد والدتها.. فسحبها بدر من يدها متجها نحو الخارج
فإنكمشت ملامح أيسل بالألم وكأنها عادت تلك الطفلة ذات الاربع سنوات والتي تفرق عن والدتها من جديد ولكن.... للأبد دون خيط أمل للعودة..!!!! 
حينها هزت أيسل رأسها ولم تشعر بشهقة البكاء التي غادرت شفتاها وكأن روحها الطفولية تغادرها لتتشبث بوالدتها المېتة
طب قومي وانا هسامحك لو سبتيني تاني مش هسامحك والله... قومي بقااا طب انا مسمحاكي خلاص بس قومي يلا نمشي 
وحينما كانت على عتبة الباب صړخت صړخة متحشرجة كانت بمثابة صاعق لعقلها المتجمد المصډوم الرافض للتصديق ولأول مرة تناديها
يا ماااامااا قومييي والنبي 
كان قلب بدر يلتوي ألما على صغيرته التي اتضح أنها عكس ما تتظاهر تماما.... 
كانت تخبرهم أن يبتعدوا عنها تماما وأنها تكرههم بينما تلك الطفلة داخلها لازالت تنتظر أن يعودوا ليتلقفوها بين معتذرين منها عما بدر منهم..!!!!
بينما أيسل كانت تسير بصمت ودموعها تتسرب لتروي وجهها الشاحب كم تمنت أن تناديها ب أمي وهي على قيد الحياة... كم تمنت .. أن تسرح لها خصلاتها وتدلكها لها قبل أن تنام... أن تعنفها حينما تخطئ وتجبرها على فعل اشياء لا تحبها فقط لمصلحتها هي وليس العكس... لم تتمنى الكثير هي فقط تمنت حياة طبيعية !!...
على الطرف الآخر حيث القرية.....
فتح يونس عيناه ببطء يتململ في نومته فمد يده بتلقائية للفراش جواره ليجده بارد وفارغ.. فهب منتصبا من الفراش بفزع وكأن كابوس رحيلها عاوده من جديد... 
ونهض راكضا نحو المرحاض ينادي بأسمها في هلع واضح
ليااااال... ليااال انتي فين 
فخرجت ليال من المرحاض تجيب بسرعة
انا هنا يا يونس 
وما إن رآها جذبها متنهدا بقوة يدفنها بين ذراعيه... رحيلها أصبح هاجسه.. فكلما إختفت عن ناظريه سيشعر بشبح الفراق يلوح له من بعيد...!!! 
فهمست ليال مشدوهه بعدم فهم
مالك يا يونس! 
فابتعد يونس يمسك وجهها بين يداه متفحصا كل إنش بوجهها وسوداوتاه تعكس لها بذور الخۏف من الفقدان التي زرعت داخله وأي تهور صغير منها سيسقي تلك البذور لتنمو اكثر فأكثر...! 
ثم خرج صوته أجش وهو يخبرها آمرا
اوعي تفكري تبعدي عني ابدا 
فهزت الاخرى رأسها نافية وقد استدركت خوفه لتحيط وجهه بيدها الناعمة متحسسة ذقنه النامية وهي تهمس له بكل جوارحها مؤكدة
مقدرش أعمل كده يا يونس أنت روحي.. هو في حد بيقدر يبعد عن روحه! 
فأمسك هو بيدها وقد بددت هي ذلك الشعور المقيت الذي تضخم داخله ثم رفع عيناه لعيناها البنية التي اكتشف أنه يحب النظر لهما طويلا.. طويلا جدا.... 
ثم تحركت عيناه تلقائيا لتلتقي بحبيبتاه... ... حيث ملاذه... بين يجد يونس الجديد... يونس المغمور بعاطفة مشټعلة جديدة عليه نوعا ما... بين يشعر بالكمال... يشعر بكل خلية به تنبض هادرة بأسمها... متمنية أن يظل هكذا... .....
وهي... هي كانت كمن تلقى ترياق للعودة للحياة بعدما ماټ فبعثها هو من جديد... بعشقه الذي أزهر زهور الذابلة... وبدأ يدفئ البرودة الثلجية الفاقدة للحنان والحب داخلها....!!
يونس لأ استنى
يووونس مش هينفع.. انا عايزه أروح لبابا
حينها ابتعد يونس وكلمتها جمدته مكانه ليبتعد قليلا ثم سألها بعدم فهم مستنكرا
تروحي لبابا !! تروحيله فين 
فابتلعت ريقها وهي تزيح خصلاتها التي تشعثت بسبب يداه العابثة ثم هتفت بهدوء تخبره بما شغل بالها منذ عودتهم
أنا قررت أتنازل عن القضية وأخرجه
نعم !! ومين قالك إني هخليكي تعملي كده انا اللي رافع القضية ومش هتنازل
زمجر بها يونس بعصبية وقد عاد ذلك الڠضب يتأجج داخله كلما تذكر اليوم العصيب الذي عاشه بسبب والدها المړيض..! 
لترد هي بجدية صلبة
وأنا اللي إتخطفت وهعمل كده ده ابويا.. راح ولا جه أبويا ومقدرش أحبسه حتى شهر فما بالك ب سنين !! 
ليمسك يونس بذراعها يضغط عليه دون أن يشعر ثم استطرد وقد فاح الألم من نبرته وكأنه يعيش تلك الليلة من جديد... بكل هواجسها و عجزها...! 
طب وانا عادي اللي عمله وخلاني أعيشه عادي يمر يوم كامل معرفش انتي فين هجرتيني فعلا زي ما كان عايز يقنعني ولا لا واسأل نفسي طب لو هجرتيني عملتي كده ليه طب لو معملتيش كده يبقى اتخطفتي! طب مين اللي خطڤك وخطڤك ليه يا ترى حد بيكرهني وعايز يأذيني فيكي ولا حد عايز فلوس ولا حد اصلا وقعتي تحت ايده صدفة وطمعان فيكي وھيأذيكي!! 
ثم تركها ليعطيها ظهره وهو يهز رأسه نافيا معلنا عدم تخليه عن ثأره
لأ لأ يا ليال اللي عيشته ده مش هيعدي بسهولة وبعدين يمكن لو طلع اصلا يفكر ياخدك تاني او يأذيكي او حتى يأذي بابا !! 
فاقتربت منه ليال ببطء... تدرك جيدا ما عاناه وعقلها يؤيده بكل ذرة به ولكن
قلبها... ذلك القلب المتأصلة فيه الفطرة... يأبى أن يفعل ذلك بوالدها مهما فعل او سيفعل! 
افهمني يا يونس.. انا عارفة وفاهمة كويس اوي اللي بتقوله لكن ڠصب عني حتى لو عقلي مقتنع باللي بتقوله بس ده ابويا مش هرتاح ابدا وانا عارفة إنه مسجون بسببي!!
ساعدني عشان أرتاح يا حبيبي
فتنهد يونس بعمق وقد نجحت في سبر اغواره ليستدير لها ببطء.. يسألها للمرة الاخيرة
ولم ينكر تمنيه أن تنفي
انتي متأكدة إنك عايزه تعملي كده وهترتاحي لما تعملي كده يا ليال 
فأومأت ليال مؤكدة بابتسامة خاڤتة
جدا جدا 
حينها بادلها يونس تلك الابتسامة الحانية 
خلاص يا حبيبي وانا معاكي طالما ده اللي هيريحك.
بعد فترة... في مركز الشرطة.....
تنازلت ليال بالفعل عن المحضر ضد والدها تنفست بعمق... هكذا تشعر أن مارد الفطرة قد استكان مغادرا إياها بعدما نفذت ما أمرتها به فطرتها..! 
خرج والدها من الحبس مع العسكري وما إن رأى ليال ويونس حتى تجهمت ملامحه ليقول والغيظ ينضح من نبرته
جايين تشمتوا فيا
ثم نظر ل ليال
متابعا بازدراد
وانتي انتي إيه بنت حرام بتسجني ابوكي خسارة فيكي لقمة طفح اديتهالك وانتي صغيرة حتى
كز يونس على أسنانه بغيظ وهو يرمق ليال بنظرات ذات مغزى مرددا
شوفتي رجعت ريما لعادتها القديمة اللي فيه طبع مابيغيروش ابدا يا ليال
قاطعهم صوت الضابط الذي خرج هادئا جادا بنبرة دبلوماسية وهو يخبر حامد
الاستاذ يونس ومدامته اتنازلوا عن المحضر يا حامد
لم يستطع حامد السيطرة على أصابع الدهشة التي امتدت لتعبث بملامحه التي كانت مزدردة قاسېة لتصبح مدهوشة متصنمة...! 
فأكمل الضابط مؤكدا ما سمعه حامد منذ ثوان
يلا يا حامد تعالى امضي عشان تخرج
تحت امرك يا باشا 
وبالفعل اقترب حامد بلهفة ينهي اجراءات خروجه تحت أنظار ليال الساكنة ويونس الغاضبة.... 
وما إن انتهى وخرجوا امام المركز وقفت ليال امام والدها بهدوء وجمود تام تخبره
أتمنى إنك تخرج من حياتي نهائيا وتنسى إنك خلفت بنت في يوم من الأيام
وكالعادة لم
 

تم نسخ الرابط