غرام المغرور بقلم نسمة مالك

موقع أيام نيوز

البارت الأول..
. تجلس على جانب الطريق أمام مقر عمل زوجها كعادتها مؤخرا..
عينيها تنهمر منها عبراتها بلا توقف..بين يوم وليله انقلبت حياتها رأسا على عقب..
ټوفي زوجها الحبيب بعد زواج أستمر لثلاث سنوات فقط وأصبحت أرمله وهي لم تتم عامها الثاني والعشرون..
تدهور بها الحال للغايه.. ووصل بها الأمر أنها تركت شقتها الصغيره التي كانت تسكن بها هي وزوجها بعدما قامت ببيع كافة اثاثها حتي تستطيع الإنفاق على صغيرتها ذات العام والنصف..

وانتقلت للعيش برفقة والدتها التي بالأساس كان ينفق عليها زوجها نظرا لضيق الحال ولانهما من طبقه أقل من المتوسطه وزوجها كان هو العائل الوحيد لهما رغم انه كان عامل صغير بإحدى الشركات الضخمه..
سعت كثيرا على أوراق تأمين زوجها لعلها تحصل على راتب شهري ولو قليل يعينها على متطلبات الحياه ولكن سعيها كان دون جدوى..
فما أصعب الإجراءات القانونية بتلك الحالات خصتا إذا كانت لمواطن فقير لا وسيط له غير المولى عز وجل..
اغلقت جميع الأبواب بوجهها.. تكاثرت الديون عليها..
حتي بدأت تفقد السيطره على أفعالها حين رأت الجوع والمړض بدأ ينهش ووالدتها وصغيرتها تبكي بستمرار من شدة جوعها..
فحسمت أمرها اليوم.. لن تعود لمنزلها إلا بعدما تصل لصاحب تلك الشركه لعله يساعدها في الحصول على حق زوجها..
رفعت يدها ومسحت عبراتها پعنف وهبت واقفه عندما رات سرب حافل من السيارات الفارهه تقترب من باب الشركه معلنه عن وصول مالكها..
ارتجل من السيارات الكثير من رجال الحراسات الخاصه وأسرع أحدهم بفتح باب سياره بيضاء من أحدث الموديلات العالميه..
لم تفكر مرتين وبلمح البصر كانت ركضت بهروله وهي تصرخ مردده اسمه لمرتها الأولى..
فااااارس بيه..
تأهب جميع الحرس ووجهو اسلحتهم بوجهها ولكنها لم تأبي لهم وأكملت طريقها إليه..
كان يهم بالخروج من سيارته ولكنه بقي مكانه حين اخترق صړاخها أذنه.. خلع نظازته الشمسيه لتظهر عينيه  ونظر نحوها بنظراته الحاده..
تركض هي بكل سرعتها وتدفع يد كلا من حاول إيقافها پغضب شديد وهو يشاهد ما تفعله بهدوء ودهشه من هجوم تلك المجنونه التي لم يري وجهها بوضوح حتي الآن..
سبوني انا ليا حق عند صاحب الشركه دي وعايزه حقي..
قالتها وهي تلكم كل من يحاول الاقتراب منها بحقيبة يدها..
اضړبها طلقه خليها تجري من هنا.. بس خف إيدك..
أردف بها فارس بأمر لإحدى حراسه.. لينصاع الحارس له في الحال دون تردد ووجه سلاحھ نحوها  
صړخت پألم حادواتسعت عينيها بذهول حين مرت طلقه ناريه من جانب ذراعها تاركه به چرح ليس بهين  
سقطت من يدها الحقيبه وشحب وجهها بشدة وتوقفت عن الحركه حين شعرت بنقطاع أنفاسها ودوار شديد بدأ يجتاحها بلا رحمه.. خصتا وإنها لم تأكل شيئا لها أكثر من يومان..
أطبقت جفنيها بوهن لتهبط دمعه حارقه على وجنتيها وهي تهمس بأسم صغيرتها التي أصر والدها أن يسميها على أسمها من شدة عشقه لها..
إسراء..
استجمعت قوتها لأجلها وفتحت عينيها التي بدأ يتطاير منها الشرار دليل على شدة ڠضبها ونظرت بتجاه سيارة ذلك ال فارس..
كان ارتجل هو خارج سيارته ووقف يتابعها بهنجعيه وغرور ظاهر على ملامحه الوسيمه الصارمه وظن انها ستفر هاربه بعد ما حدث لها..
لكنه رفع حاجبيه بدهشه وهو يراها تسير بتجاهه بخطوات متثاقله وجسدها يتهاوي يمينا ويسارا ولكنها تجاهد حتي تصل اليه..
كلما اقتربت تزيد دهشته وذهوله وهو يتمعن النظر بملامحها الجميله حد الفتنه..
هم إحدي الحرس بإيقافها.. لكنه أشار له بيده أن يتركها..
ظل يتابعها وهي تقترب منه ببطء يدل على ضعفها وتألمها الشديد..
ضيق عينيه ورمقها بنظرة متفحصه حين توقفت فجأه قبل أن تصل إليه بعدما تملك منها دوارها وألم ذراعها جعلها تتأوه بقوه قبل أن تستسلم لتهاوي جسدها الذي خاڼها واجبرها على الاستسلام لاغمائها..
ظل واقف مكانه يراقبها ببرود لا يخلي من غروره ظنا منه أنه لن يبالي لمخلوق كما يفعل دائما ولكن تلك الفاتنه حطمت حصونه حتي أنه لم يشعر بقدميه التي قطعت المسافه بينهما بخطوتان
و التقطها بين يديه قبل أن ترتطم بالأرض الصلبه.. رأسها تتوسط صدره.. رفعت عينيها ونظرت له نظرة زلزلت كيانه..
لم تستطيع أي أنثى قبلها أن تأثر به هكذا ولكنه عندما لمح لون عينيها الساحره وملامحها البريئه ودفئ جسدها على جسده انتفض قلبه انتفاضة أكثر من رائعه كان قد تناسها منذ زمن..
حاولت هي الحديث فلم يسعفها لسانها غير نطق اسم ابنتها.. تردده بقلب ملتاع.. 
إسراء..
همسها وصل لسمع ذلك المغرور.. توقع أنه أسمها فبتسم لها بصطناع وهو يقول.. 
ايه اللي رماكي في طريقي يا .. 
 إسراء..
خطي بها لداخل شركته تحت نظرات الدهشه والذهول من جميع العاملين.. بل نظرات الصدمه.. 
البارت ال..
بإحدى المناطق الشعبيه.. داخل منزل قديم..بالطابق الأول نجد شقه صغيره للغايه يبدو على اثاثها المتهالك الفقر الشديد.. تجلس امرأه بأواخر عقدها الرابع على الفراش.. حامله حفيدتها على قدميها التي لا تستطيع تحريكهما نهائيا..فقد أصيب
منذ
 


سنوات بحاډث افقدها القدره على السير وأصبحت قعيده بالفراشوحتي لم تستطيع شراء كرسيي متحرك نظرا لضيق الحال وثمن علاجها الباهظ..
دموعها تنهمر على وجنتيها دون توقف.. تبكي بمرار على بكاء الصغيره التي تتلوي بين يدها من شدة جوعها.. تحاول تهدئتها بكافة الطرق ولكن دون جدوى..
رفعت عينيها للسماء متمتمه بتوسل..
يارب يا حنان يا منان حن على البنت اليتيمه دي لأجل حبيبك محمد..
ضمتها بحنان العالم أجمع داخل صدرها وتابعت من بين شهقاتها..
يا تري أنتي فين يا إسراء يا بنتي!.. قلبي واكلني عليكي يا ضنايا..
لم تكف الصغيره عن البكاء.. بل ذاد حدة بكائها وصړختها أكثر حين ذكرت جدتها اسم والدتها.. ربتت على ظهرها بحنو وغمرتها بسيل من القبلات كمحاوله منها لأسكاتها ولو قليلا ولكنها فشلت كالعادة..
فلم تجد أمامها سوا قراءة بعض الآيات القرآنية التي تحفظها وهي تمسد بيدها على كافة جسدها وقلبها يستجدي المولى عز وجل أن يرأف بتلك الصغيره..
بدأ بكائها يهدأ رويدا رويدا حتي غلبها النعاس وڠرقت بالنوم داخل حضنها واضعه إحدي أناملها الصغيره بفمها..
الحمد لله انك نمتي يابنتي.. يارب تفضلي نايمه على ما أمك ترجع بسلامة وترضعك ويمكن ربنا يكون رضاها وتجبلك حاجه معاها تبل ريقك يا ضنايا..
قالتها إلهام بتمني وهي تزيد من ضم الصغيره مكمله پألم.. الله يرحمه أبوكي عمره ما حوجنا لمخلوق من يوم ما خطب أمك ومن بعد ما راح واحنا الدنيا والناس عماله تلطش فينا شمال ويمين لما استوينا على الأخر وأمك المسكينه مش عارفه تفطمك علشان مش لاقيه حاجه تاكلهالك يا بنتي.. ويا عالم الأيام مخبيلنا أيه تاني.. بس إحنا راضين بأمرك يارب.. راضين وصابرين الحمد لله على كل حال..
طرقات هادئه على الباب جعلتها تزيل عبرتها سريعا وتسمح للطارق بالدخول بلهفه حتي لا تزعج الطرقات حفيدتها..
أدخل يلي بتخبط الباب مفتوح..
خطت فتاه شابه بأوائل العشرينات ترتدي إسدال للصلاه.. حامله بيدها طبق مملوء بالطعام مغطي بالخبز الطازج واقتربت من إلهام وأردفت بابتسامة بشوشه وهي تضعه على كرسيي صغير بجوار الفراش..
سلام عليكم يا خالتي.. عامله ايه انهارده.. بادلتها إلهام الابتسامه وبتنهيده قالت..
وعليكم السلام يا إيمان يا بنتي..
تنقلت بنظرها بينها وبين الطعام وتابعت بعتاب..
ليه بس التعب دا يا بنتي.. احنا مستورين والحمدلله..
ربتت إيمان على كتفها برفق ومالت على الصغيره تقبلها بحب وهي تقول..
ديما مستورين يارب يا خالتي.. بس انا قولت لازم ادوقك الفته من ايدي وتقوليلي رأيك عرفت اعملها زيك المرادي ولا لاء..
تلفتت حولها مكمله بتساؤل..
هي البت إسراء فين علشان تدوقها هي كمان.. لسه مرجعتش من بره ولا ايه..
اجابتها إلهام بقلق بادي على ملامحها..
لسه يا بنتي وخارجه من صباحية ربنا.. قبل ما الساعة تيجي 7 حتي.. لبست عبايتها وخدت ورق جوزها الله يرحمه وجريت على الشركه اللي كان شغال فيها.. ادعيلها ربنا ينصفها المرادي وترجع مجبورة الخاطر..
ظهر الحزن على وجه إيمان وتحدث بإحراج قائله..
والله يا خالتي انا وشي منك انتي و إسراء في الأرض من عمايل تامر جوزي..صمتت لبرهه تحاول التحكم بعبراتها وتابعت بدهشه.. من ساعة مۏت رامي أخوه وانا مش عارفه ايه اللي جراله..جاب القسۏه دي مين علشان يقسي بالشكل دا على مرات أخوه وبنتها اللي من لحمه ودمه!..
أطبقت إلهام عينيها بقوه وبأسف قالت..
جوزك مفكر أن إسراء السبب في مۏت أخوه ومش ناوي يسيب بنتي في حالها يا إيمان..أول ما يعرف انها اشتغلت في اي محل ولا عياده يروحلها ويعملها ڤضيحه لحد ما يطردوها واهي يا حبة عيني طلعت من بدري قبل ما هو يصحي ويشوفها وهي خارجه ويتخانق معها زي عوايده وناسي انه كده بيقطع رزق بنت أخوه قبل ما بيقطع رزقنا.. بس ربنا كبير وقادر ينور بصيرته ولا يبعتله اللي يوقفه عند حده ..
بكت إيمان وهي تقول..
والله يا خالتي أنا غلبت معاه أفهمه واقوله أن مۏت أخوه دي حاجه بأيد ربنا.. بس هو بقى صعب أوي وأسهل حاجه عنده بقت الضړب..
رفعت إلهام يدها ومسحت عبراتها وربتت على وجنتيها بحنان مغمغمه بتعقل..
متقفيش قصاده تاني يا بنتي ولا تجبيلو سيرتنا علشان ميتخانقش معاكي ويله من غير مطرود ارجعي بيتك ليجي فجأه ويعملك حكايه..
أمسكت طبق الطعام ومدت يدها به لها مكمله..
وخدي الأكل دا معاكي أنا وبنتي مش عايزين حاجه من ناحية جوزك غير أنه يسبنا في حالنا..
تطلعت بها إيمان بأعين تملؤها الحزن وبعتاب قالت..
كده يا خالتي عايزه ترجعيني بالأكل و تكسري بخاطري..
إلهام بنبرة حانيه..
يا بنتي انا مش قصدي أكسر بخاطرك..انتي عارفه اني بعتبرك زي إسراء بنتي.. بس مش عايزه أعملك مشاكل زياده مع جوزك..
لو بتعتبرني زي بنتك فعلا يبقي لازم تدوقي عمايل ايديا واطمني يا خالتي الأكل دا انا جيباه من فلوسي اللي أمي بتدهالي لما تيجي تزوني.. مش من فلوس جوزي..
قالتها إيمان وهي ترفع الخبز عن الطبق ليظهر اسفله الكثير من
الأرز الأبيض فوقه قطع من اللحم الشهي وبدأت تطعم
إلهام بيدها
 

 

تم نسخ الرابط